خالد السلمي
منتخبنا بين النقد و الدفاع
الهجوم على المحللين الرياضيين لا يزيد من منسوب الوطنية، كما أنه لا ينتقص من قيمة المحللين، خاصة عندما يلتزمون الحياد والمهنية. فالمحلل في الأساس خبير، ودوره لا يقتصر على المدح أو التبرير، بل يتمثل في تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات، وشرح نقاط القوة والضعف، وقراءة الجوانب التكتيكية وأسلوب اللعب بموضوعية ووعي فني.
في البطولة العربية، التي تجرب مراحلها النهائية حاليًا في قطر، لم يَرُق للبعض النقد الموجَّه لمنتخبنا الوطني. فاندفعت بعض الجماهير المتعصبة، بدافع الانتماء للأندية أو العاطفة الزائدة، لمهاجمة المحللين، مستغلين منصّة «إكس» التي أصبحت ساحة مفتوحة لإبداء الرأي، لكنها في الوقت نفسه تحولت عند البعض إلى منبر للتجريح بدل الحوار.
لا شك أن وجود منصّة تتيح للإنسان التعبير عن رأيه أمر إيجابي ومطلوب، لكن حرية الرأي لا تعني غياب المسؤولية. فمن أبسط معايير الإعلام والطرح الصحفي الالتزام بالاحترام، والتمييز بين النقد والتحامل، وبين الاختلاف في الرأي والتشكيك في النوايا.
منتخبنا الوطني اليوم بحاجة حقيقية إلى المراجعة والتقييم، خصوصًا أن طموحاتنا لم تعد تقتصر على مجرد المشاركة أو الظهور المشرف. فمع ارتفاع عدد المنتخبات، وتوزيع الفرق القوية على المجموعات، أصبحت فرص تجاوز الأدوار التمهيدية والوصول إلى مراحل متقدمة أكبر، وهو ما يفرض علينا رفع سقف التوقعات، والعمل بواقعية لا بعاطفة.
وإذا كان لاعبان مثل سالم الدوسري ومحمد كنو قد كان لهما تأثير واضح في التأهل، فإن الطموح في البطولات الكبرى، وعلى رأسها كأس العالم، يتطلب أن يكون جميع عناصر الفريق مؤثرين، وأن يعتمد المنتخب على منظومة متكاملة لا على مجهودات فردية فقط.
في النهاية، نحن لا نحتاج إلى إسكات الأصوات الناقدة، بل إلى تعزيز النقد الهادف والبنّاء؛ النقد الذي يُشخّص الخلل، ويقترح الحلول، ويساهم في التطوير. ف المنتخبات تتقدم بالتحليل الواعي، لا بالمجاملات ولا بالهجوم غير المبرر.

