الوطنية ليست أداة للتحريض
أحيانًا لا يكون الصمت ضعفًا، بل يكون موقفًا أخلاقيًا راقيًا. فالناس المحترمون قادرون على فرض الصمت حين يتعمّد أحمق الإساءة، لا لشخص بعينه، بل لأمةٍ كاملة، محاولًا استغلال مفاهيم الوطنية لإثارة الغوغاء وتأجيج المشاعر.
وعندما يتدخل العقلاء لإخماد عود ثقاب صغير قبل أن يتحول إلى حريق، فهم لا يفعلون ذلك خوفًا أو تراجعًا، بل حرصًا على بقاء الود بين الشعوب، ومنعًا لانزلاق الخطاب إلى مستنقع السبّ والشتم والتجريح المتبادل. هؤلاء لا يدافعون عن إساءة، بل يحافظون على القيم وصورة الحوار الناضج. ولهذا فإنهم يستحقون كل الاحترام والتقدير.
وقبل كل ذلك، لا بد من توجيه الشكر للمستشار تركي آل الشيخ، الذي أوضح للشعب المصري العظيم حقيقة فيلم الست، مؤكدًا أنه عمل مصري خالص 100٪ من حيث الفكرة والتأليف والسيناريو والتمثيل. وهذا التوضيح لا يعني بأي حال من الأحوال أن الفيلم لم يحاكِ سيرة كوكب الشرق، بل جاء لإنهاء الجدل المفتعل واللجاج غير المبرر حول هويته.
كما أن من المهم التذكير بأن أي عمل فني، قبل عرضه على الجمهور، يمر عبر دائرة ضيقة من الخبراء والمختصين الذين يقومون بنقده وتقييمه وإجازته للعرض من عدمه، وقد أُجيز الفيلم رسميًا من الجهات المسؤولة. وعليه، فإن الاعتراضات التي قد تصدر بدوافع شخصية — ككون بعض الأسماء لم تكن ضمن المستشارين — لا تعني بالضرورة أن العمل سيئًا، بل تعكس خلافات فردية لا ينبغي تحميلها أكثر مما تحتمل.
وفي هذا السياق، تمثل ياسمين عز و قبلها المحامي خالد ابو بكر و عقلاء مصريين نموذجًا لاختيار الحكمة وضبط النفس، وتقديم صوت العقل على ضجيج الفتنة، وهو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى.

